يشهد المشهد السياسي المغربي تصعيداً غير مسبوق بين أبرز مكونين للمعارضة البرلمانية، حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب العدالة والتنمية. في أعقاب فشل التنسيق حول ملتمس الرقابة ضد حكومة عزيز أخنوش. هذا التوتر الحاد يعكس أزمة أعمق تتعلق بصراع الزعامة داخل المعارضة، ويضعف قدرتها على تأدية دورها الدستوري في مواجهة الأغلبية.
يعود الخلاف إلى مبادرة تقديم ملتمس رقابة برلماني ضد الحكومة، وهي خطوة قال عنها عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، إنها جاءت بناء على اتفاق جماعي بين مكونات المعارضة. إلا أن الاتحاد الاشتراكي – حسب قوله – تراجع بشكل مفاجئ رغم التزامه السابق خلال اجتماع في سلا، ما دفع “البيجيدي” إلى التشكيك في صدقية الاتحاد كمعارض حقيقي.
في المقابل، رد الاتحاد الاشتراكي بقوة، معتبراً أن قرار تعليق النقاش حول الملتمس قرار سيادي ينبع من استقلاليته السياسية، ومتهماً حزب العدالة والتنمية بـ”السطو المؤسساتي” و”ممارسات التشهير والتنمر السياسي”. مبرراً انسحابه بوجود تفاهة سياسية وعبث يحيط بالمبادرة.
و يرى مراقبون أن ما يجري ليس مجرد خلاف تنظيمي، بل صراع على زعامة المعارضة البرلمانية.
المحلل السياسي عبد الحميد بنخطاب وصف ما يحدث بـ”عراك الديكة”. في إشارة إلى أن كلاً من الحزبين يرى نفسه الأحق بتمثيل المعارضة:
الاتحاد الاشتراكي يعتمد على تفوقه العددي داخل البرلمان،
في حين يعوّل العدالة والتنمية على وزنه السياسي وتاريخه كحزب حاكم سابق.
كما أشار بنخطاب إلى وجود “امتعاض شخصي متبادل” بين قياديي الحزبين، إدريس لشكر وعبد الإله بنكيران، ما يفاقم الأزمة.
الباحثة في القانون الدستوري مريم ابليل، شددت على أن هذا الصراع يعكس أزمة بنيوية تعاني منها المعارضة المغربية. خصوصاً ضعف التنسيق، وغياب الانسجام، وتضارب المرجعيات الإيديولوجية.
وترى أن هذا التشتت أفقد المعارضة مصداقيتها لدى الرأي العام. وجعلها عاجزة عن تقديم بديل سياسي قوي أو أداء دور رقابي فاعل، مما يُضعف موقعها في الاستحقاقات المقبلة.