في خطوة رائدة لتعزيز التعاون البحثي بين المغرب وجزر الكناري، وقّعت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P) اتفاقية شراكة ثلاثية مع جامعتي “لا لاغونا” و”لاس بالماس دي غران كناريا”، إلى جانب حكومة جزر الكناري، بهدف دعم مشاريع البحث العلمي والابتكار في مجالات استراتيجية تشمل الأمن الغذائي، الطاقات المتجددة، الذكاء الاصطناعي، الماء والصحة.
الاتفاقية، التي تم توقيعها بمقر رئاسة حكومة جزر الكناري، تمثل أول مبادرة مشتركة من نوعها بين جهة إسبانية وبلد إفريقي في مجال الابتكار، وتُجسد رؤية جديدة للدبلوماسية العلمية باعتبارها وسيلة لبناء علاقات متينة بين الضفتين. ومن أبرز ما تنص عليه الاتفاقية إطلاق نداء مشترك لتمويل مشاريع علمية بين الجانبين، ابتداءً من نهاية السنة الجارية، وذلك بإشراف وزارة الجامعات والعلوم والابتكار في حكومة جزر الكناري، وبدعم مالي مشترك من جامعة UM6P والحكومة الجهوية.
هذا المشروع يأتي انسجاماً مع رؤية جزر الكناري لتعزيز شراكاتها مع إفريقيا التي تُعد امتدادًا استراتيجيًا وطبيعيًا لمجالها الجغرافي، كما يشكل امتدادًا للبرنامج المؤسسي “تحدي إفريقيا-الكناري”، الذي شهد مشاركة واسعة لباحثين من المغرب والسنغال وموريتانيا.
من جهته، أكد فرناندو كلافيخو، رئيس حكومة جزر الكناري، على الطابع الاستراتيجي للعلاقات مع المغرب، مشيرًا إلى أن “المبادرة تندرج في إطار شراكة مبدعة لبناء فضاء علمي مزدهر في الحوض الأطلسي”. فيما عبّر هشام الهبطي، رئيس جامعة محمد السادس، عن أهمية هذه الخطوة بوصفها تجسيداً لخيار “الدبلوماسية عبر العلم”، خاصة في ظل التحديات التي تواجه المنطقة كتغير المناخ والزراعة المستدامة.
اللقاء شهد كذلك عرض مشروع علمي مشترك فائز في برنامج “تحدي إفريقيا-الكناري”، يتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي لتقدير العمر العظمي من صور الأشعة، وشارك فيه باحثون من المغرب وإسبانيا. كما عُقدت زيارات ميدانية إلى مرصد “تايدي” بجزيرة تينيريفي، ومناقشات لتعميق التعاون في نقل التكنولوجيا وتبادل الطلبة.
حضر التوقيع عدد من الشخصيات الأكاديمية والعلمية من كلا الجانبين، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات الابتكار والبحث في جزر الكناري، ومجموعة من رواد الأعمال والمبتكرين المغاربة والإسبان، في حضور القنصل العام للمغرب بجزر الكناري فتيحة الكموري.
الاتفاقية تعزز مسار الانفتاح الأكاديمي للمؤسسات المغربية على أوروبا، وتؤسس لمنصة جديدة لتبادل المعرفة والخبرات بين الباحثين في الضفتين، في سياق إقليمي وعالمي يتطلب تعاوناً علمياً عابراً للحدود.