أثار قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، القاضي بإعفاء رئيس جامعة ابن طفيل بمدينة القنيطرة من مهامه، جدلًا واسعًا في الأوساط الأكاديمية والحقوقية، وذلك عقب الضجة التي رافقت تنظيم حفل تخرج تخللته فقرات فنية وُصفت بأنها غير مناسبة للسياق الجامعي.
القرار، الذي أتى في سياق استجابة مباشرة لحالة استياء عام في صفوف الأساتذة والطلبة والرأي العام، أعاد إلى الواجهة النقاش حول أخلاقيات الجامعة المغربية، وحدود الانفتاح على الفنون داخل الفضاءات الأكاديمية، وضرورة التمييز بين الترفيه المشروع وبين ما قد يُعتبر إخلالًا بالوقار العلمي.
الجامعة، بصفتها مؤسسة إنتاج للمعرفة، يفترض أن تلتزم بضوابط مهنية وأخلاقية تؤطرها مواثيق دولية، من أبرزها الميثاق الدولي لأخلاقيات التعليم العالي والبحث العلمي، الذي يؤكد على الحفاظ على كرامة الحرم الجامعي، وضمان استقلاليته، وتوفير بيئة تربوية جادة، تراعي القيم الثقافية للمجتمع، وتحمي صورة الجامعة من كل ما قد يسيء إليها.
في هذا السياق، يُنظر إلى قرار الإعفاء على أنه إشارة واضحة إلى رفض أي تجاوز يمس صورة المؤسسة الجامعية، أو يُفقدها هيبتها أمام الطلاب والمجتمع. كما يشكل هذا القرار نموذجًا في ترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، خاصة في مؤسسات يُفترض أن تكون قدوة في السلوك والتدبير.
ويرى عدد من المتابعين أن المرحلة المقبلة تستوجب إعادة فتح النقاش الوطني حول “ميثاق أخلاقيات الجامعة”، وتفعيل آليات رقابة داخلية تضمن احترام الرمزية الثقافية للجامعة، وتعزز دورها في ترسيخ القيم، وليس فقط في تسليم الشهادات.
كما أن الحفاظ على صورة الجامعة لا يعني الانغلاق أو محاربة الفنون، بل إيجاد توازن سليم بين الانفتاح الواعي، والاحترام الكامل لروح المؤسسة الأكاديمية، بما يُعيد الاعتبار لدور الجامعة في بناء الإنسان، وترسيخ ثقافة المسؤولية، وصون كرامة الأستاذ والطالب على حد سواء.