Thursday, 21 August 2025
مجتمع

أكثر من 14 ألف حالة غرق بالمغرب في ظرف شهرين أرقام صادمة وسؤال الوقاية

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/s93r

في زمن الصيف والاصطياف، حين تتحول الشواطئ إلى ملاذ للهروب من حرّ المدن وضغوط الحياة، تعود كل سنة مشاهد الفرح ممزوجة بمآسي متكررة، تضع سلامة المصطافين على المحك. وفي هذا السياق، كشفت المديرية العامة للوقاية المدنية عن معطيات مقلقة بخصوص حالات الغرق بالمغرب خلال الفترة الممتدة من فاتح ماي إلى 15 يوليوز 2025.

أرقام ثقيلة.. وواقع أكثر خطورة

بلغ عدد حالات الغرق المسجلة خلال هذه الفترة 14.040 حالة، من بينها 49 حالة وفاة و21 شخصاً مفقوداً، بينما تم إنقاذ 13.970 شخصاً بفضل التدخلات الميدانية. وتبرز خطورة الأوضاع أكثر في المناطق غير المراقبة، حيث تم تسجيل 33 حالة وفاة و18 حالة فقدان، مقابل 16 وفاة و3 حالات فقدان فقط في المناطق الخاضعة للمراقبة.

هذه الأرقام تكشف، من جهة، أهمية جهود الوقاية والتأطير، ومن جهة ثانية، هشاشة الواقع أمام وعي مجتمعي لا يزال ضعيفاً بقواعد السلامة في البحر، خاصة في مناطق السباحة العشوائية أو غير المجهزة.

جهة الدار البيضاء – سطات: الأعلى من حيث الحالات

سجّلت جهة الدار البيضاء – سطات لوحدها 3.144 حالة غرق، منها 14 وفاة و14 حالة فقدان، موزعة بين مناطق مراقبة (2.541 حالة) وأخرى غير مراقبة (603 حالات). وهو ما يجعل الجهة على رأس المناطق الأكثر تسجيلاً للحوادث، ما يعكس الكثافة السكانية، والضغط الشديد على الشواطئ الكبرى، لا سيما في عين الذئاب، التي تشهد توافد آلاف الزوار يومياً.

وقاية مدنية معبّأة.. لكن البحر لا يرحم

في مواجهة هذا الوضع، تعبّئ المديرية العامة للوقاية المدنية، كل سنة، موارد بشرية ولوجستية ضخمة لتأمين الشريط الساحلي، كما تقوم بتكوين منقذين شباب موسميين، في إطار شراكة مع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، لتقديم المساعدة الفورية، ورصد إشارات الاستغاثة، وتقديم الإسعافات الأولية.

وبحسب تصريح ليوتنان كولونيل عادل حيمودي، قائد مركز الإغاثة بعين الذئاب، فإنّ الوقاية المدنية لا تكتفي بالتدخل، بل تعتبر أن “أفضل تدخل هو ذاك الذي لا يحدث”، وهو ما يفسر التركيز المتزايد على حملات التحسيس، وتوزيع المطويات، وبث الرسائل الرقمية، إلى جانب تكثيف الدوريات وتحديد المناطق الخطرة.

عقلية “البحر الهادئ” قد تكون قاتلة

رغم كل الجهود، تبقى أبرز التحديات مرتبطة بثقافة التعامل مع البحر. ففي كلماته التحذيرية، نبّه المسؤول ذاته إلى أن البحر “قد يبدو هادئاً لكنه غير متوقع”، مشدداً على أن الحذر هو السبيل الوحيد لتفادي الكارثة.

تبدو هذه الرسالة في غاية الأهمية، في ظل سلوكيات استهتارية منتشرة في بعض الشواطئ، حيث يغامر البعض بالسباحة في أوقات خطيرة أو في مناطق غير مأهولة، دون الالتفات إلى التعليمات والإشارات التحذيرية.

الوقاية مسؤولية جماعية

المؤكد أن الوقاية المدنية، رغم كل مواردها، لا تستطيع وحدها منع المآسي. فسلامة المصطافين مسؤولية مشتركة تبدأ من الأسرة، وتصل إلى الجماعات المحلية، مرورا بالإعلام والمدرسة والمجتمع المدني.

إن مشهد البحر لا يجب أن يتحول إلى مأتم صيفي متكرر. لأن الغرق، في كثير من الأحيان، ليس قدراً، بل نتيجة مباشرة للإهمال أو الجهل أو التهور.

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/s93r

الإعلام الأخضر

About Author

اترك تعليقاً

اشترك معنا

    ننطلق من إيمان عميق بأن البيئة ليست مجرد إطار خارجي لحياتنا، بل هي امتداد لصحتنا النفسية والجسدية،

    جريدة إلكترونية مغربية شاملة، متخصصة في قضايا الفلاحة، التنمية القروية، البيئة… وكل ما يربط الإنسان بالأرض والطبيعة من حوله.

    Gmedianews @2023. All Rights Reserved.