في واقعة أثارت استنكارًا واسعًا، لا تزال تداعيات تأخر الرحلة رقم FR5013، التابعة لشركة Ryanair والمرتقبة مساء الثلاثاء 25 يونيو 2025 من مطار الرباط – سلا إلى مدينة مالقا الإسبانية، تثير غضبًا كبيرًا في صفوف المسافرين والرأي العام على حد سواء. الرحلة، التي تأخرت لأكثر من 12 ساعة دون أي توضيح أو اعتذار رسمي، تحولت إلى كابوس إنساني حقيقي عاشه الركاب العالقون وسط غياب أي خدمات أساسية كالماء والطعام والتدفئة، في مشهد يُوصف بأنه يمس بأبسط حقوق الإنسان وكرامة المواطن.
الصدمة لم تقف عند التأخير، بل تجاوزته إلى ما وصفه ركاب الرحلة بـ”التضليل المتعمد”. فقد أُخبر المسافرون في وقت متأخر من الليل بأنهم سينقلون إلى فنادق للمبيت، قبل أن يتم التراجع عن هذا القرار بحجة وجود مهرجان موازين، وهو تبرير وُصف من طرف الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان بـ”الصادم والمهين”. وبدلًا من نقلهم إلى أماكن مريحة، تُرك الركاب في قاعات المطار يُكابدون البرد والإرهاق.
في بلاغ رسمي شديد اللهجة، أدانت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان ما اعتبرته “فضيحة إنسانية وإدارية”، محمّلةً المسؤولية القانونية والأخلاقية لإدارة مطار الرباط – سلا وشركة Ryanair. وأكد البلاغ الذي وقّعه رئيس الرابطة إدريس السدراوي، وهو أحد المتضررين من الرحلة، أن ما جرى يُمثل نموذجًا للإهمال والتلاعب بحقوق المسافرين، داعيًا إلى فتح تحقيق عاجل، ومحاسبة المسؤولين وتعويض الركاب تعويضًا ماديًا ومعنويًا.
ليست هذه المرة الأولى التي تُوجه فيها أصابع الاتهام لشركة Ryanair فيما يخص التعامل مع المسافرين المغاربة. فقد سبق وأن سُجلت حوادث مشابهة في مطارات طنجة وأكادير، شملت تأخيرات طويلة وسوء تواصل، ما يُعيد إلى الواجهة أسئلة حارقة حول رقابة الدولة على أنشطة شركات الطيران الأجنبية، ومدى التزام هذه الأخيرة بمعايير احترام الكرامة والحقوق الأساسية للمواطنين.
من جهتها، لم تُصدر شركة Ryanair، حتى لحظة كتابة هذا المقال، أي توضيح رسمي حول أسباب التأخير أو مآل الرحلة FR5013، الأمر الذي يُفاقم حالة الاحتقان وسط العائلات العالقة.
ما وقع في مطار الرباط – سلا يُسلط الضوء مجددًا على الفراغ التنظيمي والرقابي في مجال النقل الجوي، ويدفع الرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني للمطالبة بإعادة النظر في الشروط التي تعمل بموجبها شركات الطيران الأجنبية داخل التراب المغربي، وضمان وضع آليات ملزمة لاحترام حقوق المسافرين وتقديم التعويضات في حال التقصير أو الإهمال.
وفي ظل غياب تدخل حكومي واضح، تبقى هذه الحادثة واحدة من المظاهر المقلقة لتردي جودة الخدمات بالمطارات المغربية، وهو ما قد يُلقي بظلال سلبية على صورة البلاد في الخارج، خاصة في ظل محاولات الترويج للسياحة والاستثمار.