الرباط – 2 يوليوز 2025
في إطار تخليدها للذكرى الأربعين لتأسيسها، أطلقت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب (ADFM) دراسة جديدة تحت عنوان: “تجميع الأحكام الجاهزة والصور النمطية المبنية على التمييز بين الجنسين داخل الثانويات”. تهدف هذه الدراسة إلى تعزيز ثقافة المساواة في المنظومة التربوية، من خلال تحليل تمثلات النوع الاجتماعي داخل المؤسسات التعليمية وتأثيرها على سلوكيات التلاميذ والتلميذات، وكذا على بنية الخطاب التربوي والبيئة المدرسية بشكل عام.
وشكل اللقاء الذي نُظّم بهذه المناسبة، محطةً هامة جمعت فاعلين من الحكومة، والمؤسسات الوطنية، والمجتمع المدني، إلى جانب ممثلين عن الشركاء الدوليين والمهنيين في قطاع التعليم، لمناقشة النتائج والخلاصات والتوصيات التي خلصت إليها الدراسة.
تمييز جندري في البيئة المدرسية: صور نمطية وممارسات متجذرة
شملت الدراسة الميدانية 13 ثانوية تأهيلية في كل من الرباط، سلا، القنيطرة، الدار البيضاء وتمارة، واستهدفت تلاميذ وتلميذات الفئة العمرية بين 15 و19 سنة. وقد تم تحليل سلوكياتهم وخطاباتهم، بالإضافة إلى الكتب المدرسية، والمقررات، وأساليب التدريس، في أفق إبراز مظاهر التمييز الجندري داخل الفضاء المدرسي.
أظهرت نتائج الدراسة أن البيئة المدرسية تعاني من استمرار التمييز القائم على النوع الاجتماعي، سواء من خلال الصور النمطية في الخطاب التعليمي، أو من خلال المعاملة داخل الفصول، أو عبر الأنشطة الموازية. إذ لا تزال الفتيات يُنظر إليهن باعتبارهن “ضعيفات”، تُربطن بالعاطفة والانضباط، في مقابل ربط الذكور بالحزم والقيادة والصلابة.
كما بينت الدراسة أن التلاميذ والتلميذات يتعرضون بشكل يومي لأحكام مسبقة وأدوار جندرية مفروضة سلفاً، تؤثر على اختياراتهم المهنية، وطموحاتهم الدراسية، وحتى تمثلاتهم للعدالة والمساواة بين الجنسين.
فجوة بين الخطاب والإصلاح: تحديات في تنزيل ثقافة المساواة
فإنه من الأهمية بمكان استغلال كامل إمكانات هذه المؤسسة الاستراتيجية ودمج ثقافة المساواة في جميع مكوناتها.
فعلى الرغم من التقدم المحرز في السياسات التعليمية، مثل الرؤية الاستراتيجية 2015–2030 والقانون الإطار رقم 51.17، إلا أن الدراسة تبرز أن واقع الممارسات المدرسية يكشف عن فجوة هيكلية تعزى إلى ضعف آليات التنفيذ، وغياب التكوين المنهجي في مقاربة النوع الاجتماعي، ونقص أدوات التتبع والتقييم في مجال العدالة الجندرية. فالقانون الإطار، على سبيل المثال، يتناول هذا البعد بشكل ضمني دون أن يصل إلى مستوى التحول الثقافي الضروري.
ومن بين الخطوات الملموسة التي قامت بها الجمعية في هذا السياق:
- توجيه مذكرة بعنوان “من أجل مدرسة المساواة بين الجنسين” إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في دجنبر 2022؛
- تنظيم اجتماع ويوم دراسي مع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب (دجنبر 2022)؛
- إطلاق حملة تحسيسية وطنية في يناير 2023، ومائدة مستديرة في 24 يناير تزامناً مع اليوم العالمي للتربية؛
- نشر دراسة تحليلية حول الصور النمطية في الحياة المدرسية (فبراير 2025)؛
- تنظيم ورشات توعية لمحاربة القوالب الجندرية في الثانويات ودور الثقافة بعدة مدن (ماي 2025).
هذه الأنشطة أبرزت انخراط الشباب والشابات الملحوظ على أرض الواقع كقوة دافعة لتغيير العقليات، وعززت الحاجة إلى تكثيف جهود المؤسسات والأسَر والمجتمع المدني لتفعيل مدرسة شاملة ومنصفة.
توصيات ملموسة من أجل مدرسة المساواة
خلصت الجمعية إلى مجموعة من التوصيات المفصلة، تهدف إلى إحداث تحول مستدام في النظام التعليمي، يرتكز على إدماج فعلي لعدالة النوع الاجتماعي، من أبرزها:
- تعزيز التربية على المساواة في المناهج الدراسية؛
- دعم الحملات التحسيسية والتكوينات الموجهة للأطر التربوية والإدارية؛
- مراجعة الكتب المدرسية ومضامينها بما يعكس تنوع الأدوار وتكافؤ الفرص؛
- ترسيخ المساواة كمبدأ في الحياة المدرسية والممارسات اليومية داخل الثانويات؛
- إدماج التلاميذ في إعداد البرامج والأنشطة المناهضة للتمييز؛
- إشراك الأسر والمجتمع في التغيير الثقافي المطلوب.
“المدرسة، ذاكرة، مساواة”: التزام راسخ في تاريخ الدينامية
تجدد الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب من خلال هذه الدراسة التزامها الدائم تجاه قضايا المساواة، وتدعو إلى جعل المدرسة فضاءً للتربية على الحقوق، وترسيخ المواطنة، والقضاء على كافة أشكال التمييز. وتؤكد أن المساواة لا ينبغي أن تكون شعاراً أو خطاباً عابراً، بل واقعاً ملموساً في حياة التلميذات والتلاميذ، ومكوناً جوهرياً في بناء مغرب أكثر عدلاً وإنصافاً.