يعد العنف الاجتماعي في الشوارع ظاهرة متنامية أصبحت تؤرق المجتمع المغربي وتثير القلق في العديد من الأوساط. هذه الظاهرة التي غالباً ما يرتكبها شباب قاصرون ضد بعضهم البعض أو ضد أفراد المجتمع، أصبحت تشكل تحديًا حقيقيًا في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي يشهدها المغرب. العنف في الشوارع لا يقتصر على الاشتباكات الجسدية أو الحوادث الأمنية فقط، بل يشمل أيضاً مظاهر أخرى من السلوك العدواني مثل التخريب والتحرش، مما يعكس مشكلة أعمق في المجتمع.السبب الرئيسي وراء تفشي هذه الظاهرة يكمن في التهميش الاجتماعي الذي يعاني منه العديد من الشباب، خاصة في المناطق المهمشة والضواحي التي تفتقر إلى الفرص الاقتصادية والاجتماعية. غالباً ما يجد هؤلاء الشباب أنفسهم في دائرة مغلقة من الفقر والبطالة، مما يدفعهم إلى اللجوء إلى العنف كوسيلة للتعبير عن غضبهم أو للحصول على مكاسب مادية بطريقة غير قانونية. هذا التهميش الاجتماعي يتجسد في غياب الدعم الاجتماعي والنفسي، مما يؤدي إلى تزايد العنف والعصابات بين الشباب.هناك عامل آخر يسهم في هذه الظاهرة، وهو تدني مستوى التعليم في بعض المناطق. العديد من القاصرين لا يحصلون على تعليم كافٍ، سواء بسبب ضعف البنية التحتية أو بسبب مشاكل اقتصادية تمنع الأسر من توفير التعليم الجيد لأبنائها. ومع غياب التوجيه والإرشاد، يجد هؤلاء الشباب أنفسهم في دوامة من السلوكيات السلبية التي تنتهي أحياناً إلى العنف في الشوارع.
لكن على الرغم من تعقيد المشكلة، هناك آفاق للحل والتغيير. في البداية، يجب أن تتوجه الحكومة والمجتمع المدني إلى تعزيز دور المؤسسات التعليمية والشبابية في تأهيل هؤلاء القاصرين وإعطائهم فرصاً تعليمية وحرفية. تكثيف البرامج الموجهة للشباب في الأحياء الفقيرة والتي توفر لهم مهارات حياتية وشخصية ضرورية يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في الحد من العنف. كما أن الدعم النفسي والإجتماعي لهؤلاء الشباب يعد خطوة هامة في مساعدتهم على التعامل مع مشاعر الغضب والإحباط التي قد يعانون منها. يمكن تعزيز دور الشرطة والسلطات المحلية في مواجهة هذه الظاهرة عبر تعزيز الأمن في الأحياء ذات الازدحام السكاني الكبير، وتشجيع العمل التعاوني بين الأجهزة الأمنية والمجتمع المحلي. يجب أن تعمل هذه الأجهزة على مكافحة ظاهرة العنف في الشوارع عبر برامج توعية ومشاريع تهدف إلى إعادة تأهيل الشباب المدمن على العنف.
العنف الاجتماعي في المغرب لا يعد مجرد مشكلة أمنية بل هو نتيجة لمجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية المعقدة. ومن أجل الحد من هذه الظاهرة، يجب أن تتضافر الجهود الحكومية والمجتمعية من خلال توفير التعليم، وخلق فرص العمل، ودعم الشباب في مختلف جوانب حياتهم، حتى يكون لديهم بدائل حقيقية للعنف ويعيشوا حياة كريمة في مجتمع آمن ومستقر.
العنف الاجتماعي في المغرب: واقع مؤلم وآفاق الحلول
BY عبدالعالي الشرفاوي
- 07/05/2025

The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/7p8v
The short URL of the present article is: https://gmedianews.ma/7p8v